إن مما يشهد بالقيمة الحضارية والثقافية لأمة ما، ما تحققه من مبادئ إنسانية زاهية، وقيم أخوية عظيمة، تتجاوز حدودها بإنسانيتها كل أبناء الديانات المختلفة، فكيف بأبناء الديانة الإسلامية نفسها.
وإن كانت رسالة نبي الرحمة والاسلام، رسالة عالمية عبر الأزمنة والأمكنة ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) فمن باب أولى أن رسالته هي منبع الرحمات لبني الاسلام على وجه الخصوص .
لكن الله تبارك وتعالى شاء بمشيئته وحكمته أن يخلق الإنسان كائنا فريدا متميزا عن غيره، فقدر الله أن ينقسم الناس إلى أقسام بأفكارهم وتوجهاتهم وأفهامهم كما قال تعالى: ( ولو شاء ربك لجعل لناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) قال ابن كثير _ رحمه الله _ :” أي: ولا يزال الخلف بين الناس في أديانهم واعتقاداتهم مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم …”.
إذا فاختلاف الناس في المجتمع الواحد من قدر الله وسنته الماضية في خلقه.
وإن من نعم الله تعالى على عباده المؤمنين أن جعل لهم طاقات وقدرات ومواهب، يظهر من خلالها الفارق في الإرادة والطموح وغيرها، بل وجعل بينهم مقامات في العلم والتعلم والمهنة والعمل ونحوها . والمجتمع لا يستغني عن أي فرد من أفراده سواء أكان في مواطن الرئاسة أم الدفاع أم العمل الخاص أو العام .
إن الإسلام كبيت واحد يضم جميع أبنائه مع اختلاف آرائهم و توجهاتهم وأعمالهم، جاعلا لهم سبل التعايش وقبول الآخر أساسا من أسس بقاء المجتمع واستمرار ديمومة الحياة.